ا
خصائص مخاطبات الأنبياء في الدعوة:
إن خطاب الأنبياء لأقوامهم في عرضهم للدعوة له مزايا تجعل حديثهم وخطابهم له وقعا وتأثيرا على النفس، ولا يستغني أي داع ينهض بدعوة الأنبياء والرسل في أي زمان ومكان من التعرف عليه.
ا - كان الأنبياء يخاطبون أقوامهم بلسانهم ولغاتهم قال تعالى:{وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رّسُولٍ إِلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لَهُمْ} .
2 - أن كلام الأنبياء يكون كلام مبيناً ، فيختارون من الأساليب المعاصرة ما يؤدي الغرض في كل وضوح وجلاء، ودون غموض.
3- ومع ذلك فكلا من الأنبياء والدعاة إلى الحق يسيرون نحو هدفهم بآلاف الطرق ، وقد عبر القرآن عن هذه الحقيقة ب " تصريف الآيات " يعني تفهيم الحقيقة الواحدة، وتقريبها إلى الأفهام بشتى الأساليب وأنواع الطرق.
4 - يكون متدفقا بالحماس والعاطفة الحيوية ، فهم لا يخاطبون العقل وحده كالفلاسفة، أو الروح وحدها كما يفعله الصوفية . ولذلك كان رسول الله إذا تحدث أثار في النفس مكامنها وأحاسيسها وكان إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم، ومساكم. ومن الواضح أن هذه الحرارة في خطابه إنما جاءت من الثقة والاعتماد، واليقين الراسخ، والتألم للواقع البشري ، والعطف على البشرية البائسة، وذلك ما يتميز به كلام الدعاة في كل زمان ومكان، ومن هنا يفترق الصحيح من الزائف والنسيب من الداعي، والداعي الصادق من المبطل، والمنتحل، والمضلل والمؤول.
5 - وحدة الهدف فهم يرمون كل سهم من كنانتهم إلى رمية واحدة . فالأنبياء يلتزمون المنهجية في الحديث والالتزام بالفكرة والمبدأ في الخطاب.
6 – أنهم يلاحظون في انتقاء اللفظ والمعنى ، والإطالة والإيجاز ، والأسلوب وطريقة العرض ، نفسية المخاطبين فمثلاً قال (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا).
7 – أنهم ينقون كلامهم ويحذرون من كل ما يثير في المخاطب عواطف النخوة والإباء واللجاجة والتمادي . قال الله تعالى : {اذْهَبَآ إِلَىَ فِرْعَوْنَ إِنّهُ طَغَىَ * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لّيّناً لّعَلّهُ يَتَذَكّرُ أَوْ يَخْشَىَ} ، وقال تعالى : {ادْعُ إِلِىَ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ} .ولا يطلقون كلمات تجرح الشعور الديني في المخاطبين ، وإنما يضربون على جذور معتقداتهم الباطلة بالدلائل الساطعة : {وَلاَ تَسُبّواْ الّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} ، ويجيبون عن فظاظتهم بحديثهم العذب اللين ، ويبادلون الشدة بالنعومة ، والقساوة بالدماثة ، لأنه الطريق الوحيد الذي ينفذ به الداعي إلى القلوب ، وتنجذب إليه النفوس