لو
قرأتَ أيّها الزّائر الكريم القرآنَ من أوَّله لآخره ، لَوجدتِ فيه ذكْرًا
للعديد من الأنبياء والرُّسُل ، مثل إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب
وسليمان وموسى وعيسى ومحمَّد ، عليهم الصَّلاة والسَّلام ، غير أنَّك لن
تجد آيةً واحدة تذكُر أنَّ موسى عليه السَّلام دعا بني إسرائيل إلى الدّين
اليهودي ، أو أنَّ عيسى عليه السَّلام دعا قومه إلى الدّين المسيحي ! هل
تعرف لماذا ؟
لأنَّ
الدّين عند الله ، منذ خلَقَ البشريَّة ، هو دينٌ واحدٌ ، وهو الإسلام !
وكلُّ الأنبياء والرُّسُل كانوا مسلمين ، ودعَوْا أقوامهم إلى الإسلام ! إنَّما فقط اختلفت التَّشريعاتُ من نبيّ لآخر ، حتَّى اكتملت بشريعة محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ، خاتم الأنبياء والمرسلين .
لِنستمعْ لما يقول القرآن في هذا الموضوع : يقول
الله تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ الله الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ
بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ الله فَإِنَّ الله سَرِيعُ
الْحِسَابِ 19 فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ
اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ
أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا
فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَالله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ 20 } (3- آل
عمران 19-20) . وهذا إعلانٌ صريحٌ بأنَّ الدِّين عند الله هو الإسلام .
ويقول
تعالى : { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ
نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ
لَمِنَ الصَّالِحِينَ 130 إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ
أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ 131 وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ
وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ الله اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا
تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ 132 أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ
إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ
مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
133 تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا
كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ 134 وَقَالُوا
كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ
حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ 135 قُولُوا آمَنَّا بِالله
وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ
مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ
بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 136 } (2- البقرة
130-136) . وهذا إعلانٌ آخر ، واضحٌ وجليٌّ ، بأنَّ إبراهيم عليه السّلام (أبو الأنبياء) ، ويعقوب (وهو إسرائيل ، وإليه ينتسبُ اليهودُ فيُقال لهم بَنُو إسرائيل) ، هذان النّبيّان كانَا مُسلِمَيْن ، وأَوْصَيَا أبناءهما أن يموتُوا على الإسلام !
ويقول تعالى : { أَمْ
تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ
أَمِ الله وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ الله
وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 140 } (2- البقرة 140) . وهذا إعلانٌ ثالثٌ ، لا لُبْس فيه ، بأنَّ إبراهيم وإسماعيل والأسباط عليهم السّلام لم يكونوا يهودًا ولا نصارى ! بل حتّى إسحاق ويعقوب عليهما السّلام ، وهما أوَّل أنبياء بني إسرائيل ، نَفَى الله تعالى عنهما أنَّهما كانا يهوديَّيْن ! لقد كانوا كلّهم مسلمين كما ذكَرْنا !
ويقول
تعالى : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا
وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ 67 }
(3- آل عمران 67) .
ويخبرنا تعالى عن النّبيِّ يوسف عليه السّلام أنّه قال
: { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ
الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي
بِالصَّالِحِينَ 101 } (12- يوسف 101) .
ويقول تعالى عن النّبيِّ نوح عليه السّلام
: { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ
إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ الله فَعَلَى
الله تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ
أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ 71
فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ
إِلاَّ عَلَى الله وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ 72 } (10-
يونس 71-72) . كلُّ هذه الآيات تُعلنُ إذًا بوضوح أنَّ كلَّ الأنبياء كانُوا مسلمين .
فلَمَّا بعثَ الله محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم ، جعله خاتم الأنبياء والمرسلين ، فلا نَبيَّ بعده إلى يوم القيامة . يقول
الله تعالى : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ
وَلَكِنْ رَسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ الله بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمًا 40 } (33- الأحزاب 40) .
وأرسلَه إلى كلِّ النّاس ، في حين أنَّ الأنبياء قبلَه كانُوا يُبعثون إلى أقوامهم فقط . فهو نبيُّ البشريّة جمعاء إلى يوم القيامة . يقول تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ 28 } (34- سبأ 28) .
وأكملَ له الدِّين ، فأصبح الإسلامُ ببعثته أكمل الشّرائع السّماويَّة . يقول
تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ
نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا } (5- المائدة 3) . وقد نزلتْ هذه الآية ، والنّبيُّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم فوق جبل عرفات بمكّة ، في حجّة الوداع . فلم يلبث بعد ذلك إلاَّ ثلاثة أشهر ثمّ تُوُفِّي .
ربَّما
يكون تعليقك أيّها الزّائر الكريم على ما ذكرتُه لك ، أنَّني اعتمدتُ فقط
على آيات قرآنيَّة ، والقرآنُ لا يُعتَبَرُ مرجعًا موثوقًا منه بالنّسبة لك
.
كلامك
مقبول ! لهذا يمكنك الدّخول على قسم " القرآن هو كلام الله " ، وستجد فيه
أدلّة علميّة ومنطقيّة بأنّ القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة إلى قيام
السَّاعة ، وأنَّه وحيٌ من خالق هذا الكون ، وبالتَّالي فإنَّ كلَّ ما جاء
فيه حقٌّ لا ريب في ذلك . [b][b][b](يتبع ...)[/b][/b][/b]