الحَيْض
إذا رأت الصبية الدم ولها تسع سنين فهو حيض، وأما قبل ذلك فهو دم فساد لا حيض، وإذا رأت دماً بعد خمسين سنة فليس بحيض.
وأقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، وقيل سبعة عشر، والحيض يمنع فعل الصلاة ووجوبها، وفعل الصيام دون وجوبه، وقراءة القرآن، ومس المصحف، واللبث في المسجد، والطواف بالبيت، والوطء في الفرج، وسنة الطلاق، والاعتداد بالأشهر.
وإذا انقطع دم الحائض أبيح لها فعل الصوم دون غيره مما يمنعه الحيض.
والمستحاضة ترجع إلى عادتها، فإن لم يكن لها عادة، رجعت إلى تمييزها، وكان حيضها أيام الدم الأسود. واستحاضتها زمان الدم الأحمر، ومتى حدث للحائض أحوال تختلف في حيضها، وجب عليها شرح ذلك للفقهاء، في كل حادثة، ولما قصر فهم المرأة عن شرح ذلك هاهنا تركناه.
وإذا طهرت الحائض قبل غروب الشمس لزمها أن تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل طلوع الفجر لزمها المغرب والعشاء، لأن وقت الصلاة الأخيرة جعل وقتاً للأُولى في حال الجمع لأجل العذر، فجاز أن يكون وقتاً للإيجاب بزوال العذر، فإن حاضت بعد دخول وقت الصلاة الأولى من الظهر والعصر والمغرب والعشاء لزمها الصلاة الأولى قولاً واحداً، بمعنى أنها إذا طهرت وجب عليها قضاؤها، وهل يلزم الثانية بإدراك وقت الأولى أم لا؟ على روايتين.
في ذِكْر النِّفاس
أقل النفاس قطرة، وأكثره أربعون يوماً، فإن جاوز الدم الأكثر، وصادف زمان عادة الحيض فهو حيض، وإن لم يصادف عادة فهو استحاضة، وحكم النفساء حكم الحائض في جميع ما يحرم عليها، ويسقط عنها وفي غسلها.
كَراهية الحمَّام للنساء
عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخلنَّ الحمّام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخلن حليلته الحمّام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدنَّ على مائدة يُشرب عليها الخمر، أو يُدار عليها الخمر».
وعن عبد الله بن سويد الخطمي، عن أبي أيوب الأنصاري ـــ رضي الله عنه ـــ أن رسول الله صلى الله عليه وسلّمقال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا يدخلن الحمّام».
فنقل ذلك إلى عمر بن عبد العزيز في خلافته، فأرسل إلى أبي بكر بن عمرو بن حزم أن سل محمد بن ثابت عن حديثه فإنه رضي، فسأله، ثم كتب إلى عمر، فمنع النساء من الحمّام.
وعن الأعمش قال: حدثنا عمرو بن مرّة عن سالم أنَّ نسوة من أهل حمص دخلن على عائشة رضي الله عنها فقالت: لعلكن ممن يدخلن الحمّامات؟ قلن: نعم، قالت: أما أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّميقول: «ما من امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت ما بينها وبين الله عز وجل».
قال الحربي: وحدثنا محمد بن عبد الملك بإسناده عن القاسم عن أبي أمامة أن عمر رضي الله عنه قال: لا يحل الحمام لمؤمنةٍ إلا من سقم، فإن عائشة حدثتني قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّميقول: «أيّما امرأة مؤمنة وضعت خمارها في غير بيت زوجها، هتكت الحجاب فيما بينها وبين الله عز وجل».
وعن مهرة امرأة وهب الكناني قالت: دخلنا على عائشة رضي الله عنها فقالت: لعلكن من النساء اللاتي يدخلن الحمّامات؟ قلن: نعم، قالت: فدعت جارية لها، فأخرجتنا إخراجاً عنيفاً.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلّمقال: «سَتُفتحُ أرض العجم، وستجدون بها حمَّامات، فامنعوا نساءكم إلا مريضة أو نفساء».
وعن مكحول، عن سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّمقال: «أيما امرأة دخلت الحمّام من غير علة ولا سقم تلتمس بياض وجهها، سوَّد الله وجهها يوم تبيضُّ الوجوه».
وعن سهل عن أبيه أنه سمع أم الدرداء تقول: خرجت من الحمّام، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلّمفقال: «من أين يا أم الدرداء؟» فقلت: من الحمّام، فقال: «والذي نفسي بيده، ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد أمهاتها إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن عز وجل».