السكينة فى السعى ٳلى الصلاة
عن أبى قتادة رضى الله عنه قال : " بينما نحن نصلى مع النبى صلى الله عليه و سلم ٳذ سمع جَلَبَةَ رجالٍ فلما صلى قال : ما شأنكم ؟ قالوا : استعجلنا ٳلى الصلاة . قال : فلا تفعلوا ٳذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا و ما فاتكم فأتموا " .
لصلاة الجماعة فضيلة يسعى ٳليها كل مسلم و للمبادرة ٳلى اقتناصها من أولها فضيلة يحرص عليها كل مصل , و لهذا كان الصحابة يحرصون على هاتين الفضيلتين كل الحرص و كانوا يسارعون و يتسابقون لدرجة الجرى و القفز . للصلاة قدسيتها لأنها مناجاة لله .
سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم أصوات و حركات أصحابه يسعون و يهرولون للحاق به و هو فى الصلاة فلما سلم من صلاته قال لهم : ما هذه الجَلَبَة – الأصوات المختلطة - ؟ قالوا : أسرعنا الخطا و تعجلنا اللحاق بك لندرك أكبر قدر من الفضيلة . قال : لا تعودوا لمثلها و لا تسعوا عند ٳتيانكم الصلاة و لكن أئتوها مشياً قريب الخطا و عليكم بالسكينة – التأنى فى الحركاتِ و اجتنابِ العبث - فى طريقكم و الخشوع و الوقار فى مشيتِكم من غضِ البصرِ و خفضِ الصوت - لها فهو فى خطواته كما لو كان فى صلاةٍ له ثوابها و يُكتب له أجرها فما أدركتم مع اﻹمام فصلوا معه و ما سبقكم به منها فأتموه و ائتوا به بعد سلام اﻹمام .
قال النووى : فى الحديثِ الندبِ ٳلى ٳتيانِ الصلاةِ بسكينةٍ و وقار و النهى عن ٳتيانها سعياً سواء فى ذلك صلاة الجمعة و غيرها و سواء خاف فوت تكبيرة اﻹحرام أو لا و هو ما عليه عامة العلماء .
المراد من السعى المنهى عنه الجرى و العجلة و المراد من السعى المأمور به فى قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا ٳذا نُوديتم للصلاةِ مِن يومِ الجمعةِ فاسعَوا ٳلى ذكر الله و ذروا البيع ) الذهاب .
اختلف الفقهاء فيما يدركه المسبوق مع اﻹمام , هل هو أول صلاته ؟ أو آخرها ؟ على ثلاثة أقوال : أن ما أدركه هو أول صلاته و ما يأتى به بعد سلام اﻹمام هو آخرها , فلو أدرك الركعتين الأخيرتين مِن العشاءِ مثلاً كانتا بالنسبة له الأوليين , فاذا سلم اﻹمام أتم المأموم بركعتين , لا يجهر فيهما و لا يقرأ سورة بعد الفاتحة و هذا مذهب الشافعى و جمهور العلماء من السلف و الخلف و رواية عن مالك و رواية عن أحمد و دليله روايات " و ما فاتكم فأتموا " و هى روايات صحيحة .
من أدلة هذا المذهب أنه يجب على المسبوقِ أن يتشهدَ فى آخرِ صلاتهِ على كلِ قول , فلو كان ما يدركه مع اﻹمام آخراً له لما احتاج ٳلى ٳعادةِ التشهدِ و من أدلته أيضاً أنهم أجمعوا على أن تكبيرةَ اﻹحرامِ لا تكون ٳلا فى الركعة الأولى فما أدركه المأموم ٳنما هو أول صلاته .
المذهب الثانى : أن ما أدركه المأموم هو آخر صلاته , و عليه بعد تسليم اﻹمام أن يقضىَ أول صلاته بما ينبغى له من أقوال و أفعال على الهيئة اللازمة للأول و هو مذهب أبى حنيفة و رواية عن أحمد و رواية عن مالك و هو قول كبار المالكية و دليلهم رواية " صل ما أدركت و اقض ما سبقك " .
المذهب الثالث : أنه أول صلاته بالنسبةِ ٳلى الأفعالِ و آخر صلاته بالنسبةِ ٳلى الأقوال فيقضى الأوليين بالفاتحةِ و السورة و هو قول مالك و دليله ما رواه البيهقى على " ما أدركت مع اﻹمام فهو أول صلاتك و اقض ما سبقك من القرآن " .
يؤخذ من الحديث :
1 – يُستحب للذهابِ للصلاةِ أن لا يتكلم بقبيحٍ و لا ينظر نظراً قبيحاً .
2 – استدل بالحديثِ على حصولِ فضيلةِ الجماعةِ بادراكِ جزءٍ مِن الصلاةِ لقوله " فما أدركتم فصلوا " و لم يفصل بين القليلِ و الكثيرِ و هذا قول الجمهور و لا يخفى أن ٳدراك فضيلة الجماعة شئ و مساواة من أدرك تكبيرة اﻹحرامِ للمسبوقِ فى آخرِ الجماعةِ شئ آخر .
3 – استدل بالحديثِ على استحبابِ دخول المسبوق مع اﻹمام فى أى حال وجد عليها .