اغتيال ابن لادن لن يوقف الحرب على الإسلام
في عملية جبانة قامت القوات الأمريكية باغتيال الشيخ أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة فجر يوم الإثنين الثانى من مايو الجارى، وقد خرج الرئيس الأمريكى باراك أوباما ليعلن الخبر بنفسه معلنا فرحه الشديد بهذا الإنتصار المزعوم فى الحرب المزعومة على الإرهاب، وفور إعلان الخبر تواردت الأنباء تباعا بمواقف الدول الغربية والعربية أيضا الفرحة باغتيال هذا البطل، مؤكدين جميعا أن اغتيال أسامة بن لادن ضربة قاضية للمتشددين والإرهابيين حسب وصفهم.
ليس الغرض من هذا المقال الحديث عن هذا الإنتصار الوهمي على تنظيم القاعدة، لأن التنظيم لم يمت وإنما مات قائده وشتان بينهما، لكن أود أن أرد فى هذا المقال على من قالوا وزعموا أن اغتيال الشيخ أسامة بن لادن يعنى غياب أحد أسباب العنف، ويعني توقف الحرب الأمريكية على الإرهاب، فللأسف الشديد لقد ظن البعض هذا، وقد يكون ذلك ليس بالغريب على عوام الناس، لكن أن يقول رجل مثل عصام العريان القيادى البارز فى جماعة الإخوان المسلمين كما ذكرت شبكة الإسلام اليوم أن اغتيال بن لادن يعنى غياب أحد أسباب العنف، فهذا ينم عن عدم إدراك لطبيعة المعركة على الإسلام، ولطبيعة الحملة الصليبية ضد المسلمين.
إن العداء بين المسلمين والكفار متمثلا فى الولايات المتحدة وحلفائها لم ينشأ مع وجود أسامة بن لادن ولا تنظيم القاعدة ولا حركة طالبان، ولم تنشأ هذه العداوة مع أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001م، بل هو عداء قديم قدم الإسلام على الأرض، وقبل أن تنشأ الولايات المتحدة نفسها ولغرب يسعى جاهدا للقضاء على الإسلام، وقد سيرت الحملات الصليبية سابقا للقضاء على هذا الدين والسيطرة على مقدرات وثروات المسلمين، واستمرت هذه الحملات ما يزيد على المائتى عام من الزمان، ثم عادت هذه الحملات فى صورة استعمارية جديدة مع نهاية القرن الثامن عشر حيث الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م، تلتها حملة فريزر عام 1807م، ثم كان احتلال مصر على يد القوات البريطانية عام 1882م بعد قتال شرس مع الجيش المصرى بقيادة الأميرال أحمد عرابى، وفى ذات الوقت تقريبا كانت الدول الغربية الأخرى تستعد لاحتلال عدة دول عربية أخرى كبلاد المغرب العربى وليبيا وسوريا وغير ذلك من بلاد الإسلام، ولنتذكر جميعا أن قائد الجيش الفرنسى الذى قام باحتلال سوريا ذهب إلى قبر صلاح الدين الأيوبى وقال له (ها قد جئنا يا صلاح الدين).
إن من يطلع على تاريخ الدولة الإسلامية قبل القرن العشرين بل قبل نشوء حركة طالبان وتنظيم القاعدة وظهور أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى وأبو مصعب الزرقاوى وغيرهم، يدرك جيدا أنها حرب أصيلة قديمة حديثة على الإسلام والمسلمين لم تهدأ يوما، ولم تفتر ولم تفتر همم هؤلاء الذين يخططون منذ أمد بعيد لهذه الحرب المفتوحة بيننا وبينهم، والتى يستخدمون فيها كل الأسلحة المشروعة والغير مشروعة، والوسائل النبيلة والوسائل القذرة وما أكثرها عندهم.
من المؤسف حقا أن تجد كثيرا ممن ينتسبون إلى هذا الدين العظيم مقتنعون بأن القوى الغربية إنما تحارب الإرهاب، وأنها إنما قامت باحتلال أفغانستان والعراق وغيرها من بلاد الإسلام بحجة القضاء على الإرهابيين والإنتقام مما قاموا به فى أحداث الحادى عشر من سبتمبر، ومن المؤسف أن تجد هؤلاء ينظرون لهذه الآراء العفنة ويخلطون بشكل واضح بين المقاومة والإرهاب، بين دفاع المرء عن حقه فى داره وأرضه ودفاعه عن أهله وعرضه ودينه، وبين من يغتصبون أرضا فيقتلون أهلها ويغتصبون نساءها ويشردون شبابها ثم لا يجرؤ أحد على الإشارة إليهم ولو على استحياء.
إن مصطلح الإرهاب مصطلح فضفاض لا ضابط له، وحتى اليوم ليس هناك تعريف متفق عليه عالميا لهذا المصطلح، ولقد استخدم هذا المصطلح فى الحرب على الإسلام، وحتى لو لم توجد القاعدة ولا طالبان ولا ابن لادن ولا الظواهرى لكانوا اخترعوا أسبابا أخرى للحرب على الإسلام.
وإلا فأين كان ابن لادن يوم أن احتلت فلسطين وذبح الفلسطينيون وأجبروا على ترك أرضهم وديارهم.
وأين كان ابن لادن يوم أن قامت بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيونى بشن العدوان الثلاثي على مصر؟
وأين كان ابن لادن يوم أن قام الكيان الصهيونى بعدوان عام 1967م،؟
وأين كان ابن لادن يوم أن احتلت الولايات المتحدة الصومال؟
وأين كان يوم أن حدثت المجازر ضد المسلمين فى البوسنة والهرسك، ومذابح المسلمين فى الشيشان والقوقاز التي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا؟!.
لقد وصف جورج بوش الحرب فى أفغانستان بأنها حرب صليبية، وكرر وزير خارجيته آنذاك كولن باول نفس الكلام ثم أعلنها برلسكونى بشكل صريح أنها حرب على الإسلام، وسوف تستمر هذه الحرب على الإسلام مستمرة، لن يوقفها مقتل أسامة بن لادن أو غيره حتى لو تم القضاء على كافة أعضاء تنظيم القاعدة وتصفيتهم واحدا واحدا.
سوف يسوقون مبررات جديدة لهذه الحرب، ولن يقعوا فى خطأ الإعلان الصريح عن كونها حرب حقيقية ضد الإسلام والمسلمين حتى يجدوا من المغفلين المنتسبين إلى هذا الدين من يقف بجانبهم، وحتى لا يستثيروا عوام الناس ضدهم، وحتى يوهمونهم بأنه لا عداء بينهم وبين الإسلام، وهو ما يسعون جاهدين لتحقيقه.
خلاصة القول أننا لن نشهد أي اختلاف يذكر في السياسة الأمريكية والغربية تجاه الإسلام والمسلمين، فلن تتوقف الحرب ضدنا ولن تتوقف المجازر التى يرتكبونها ضدنا، فلن ينسحبوا من العراق ولا من أفغانستان ولا غيرهما إلا حينما تتحقق أهدافهم من احتلال هذه الدول، يجب أن ندرك هذا جيدا وألا نسمح لأحد بأن يخدعنا بعد اليوم!!
كاتب إسلامي مصري.
"حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر"