في تحد واضح لكبار علماء المسلمين، أقدم مفتي مصر الدكتور: (علي جمعة) على فعلة وصفت: "بالمخزية" عندما توجه بموافقة الكيان الصهيوني إلى مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، وهي الزيارة التي أفتى كبار العلماء وعلى رأسهم الشيخ: (يوسف القرضاوي) بحرمة القيام بها طالما ظلت هذه المقدسات تحت الاحتلال الصهيوني..
في تحد واضح لكبار علماء المسلمين، أقدم مفتي مصر الدكتور: (علي جمعة) على فعلة وصفت: "بالمخزية" عندما توجه بموافقة الكيان الصهيوني إلى مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، وهي الزيارة التي أفتى كبار العلماء وعلى رأسهم الشيخ: (يوسف القرضاوي) بحرمة القيام بها طالما ظلت هذه المقدسات تحت الاحتلال الصهيوني.
وفتحت هذه الزيارة النار على مفتي مصر الذي ضرب بعرض الحائط فتاوى التحريم من جانب العلماء، وجميع القوى السياسية والإسلامية في الداخل والخارج، الذين اعتبروها تطبيعًا مجانيًا مع الكيان الصهيوني، وكارثة على القضية الفلسطينية، فيما رفض الأزهر بشكل رسمي زيارة القدس الشريف والمسجد الأقصى تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وجاءت زيارة المفتي بصحبة الأمير الأردني غازي بن محمد الأربعاء، حيث قام بافتتاح كرسي الإمام الغزالي للدراسات الإسلامية بالقدس الشريف، وبرر الشيخ: علي جمعة الزيارة بقوله: "إنها كانت بصفة شخصية وليست رسمية، وبعيدًا عن منصبه كمفتي للديار المصرية، وعن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، زاعمًا: "أنه لم يحصل على تأشيرة إسرائيلية، وأنها تمت بالتنسيق الكامل مع السلطات الأردنية التي اختارت له الزيارة وكانت مفاجأة بالنسبة له"!
الانتقاد الشديد للزيارة على مستوى العلماء جاء بشكل قوي من جانب الدكتور: يوسف القرضاوي (رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين) والذي أصدر من قبل فتوى بتحريم زيارة القدس، مبديًا أسفه لخروج الشيخ: على جمعة بشخصه كعالم من علماء المسلمين، أو حتى بصفته مفتيًا للديار المصرية عن هذا الرأى، الذى يكاد يكون إجماعاً بين علماء الأمة الإسلامية، وبحسب بيان الشيخ القرضاوي فإن: "قضية تحريم زيارة القدس، وهي تحت الاحتلال الصهيوني، محل اتفاق وطني إسلامي مسيحي، فالأزهر حرمها على المسلمين في مصر والعالم، والكنيسة الأرثوذكسية حرمتها كذلك على أتباعها".
وتساءل الشيخ: القرضاوي عن سر المحاولات الحثيثة من أكثر من جهة، على جعل المسلمين يزورون المسجد الأقصى، في الوقت الذي تمنع قوات الاحتلال الشيخ: رائد صلاح (رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة) عام (48) من زيارته، مشددًا على أن التعامل مع الأعداء يشد من أزرهم، ويقوي اقتصادهم، ويمنحهم قدرة على استمرار العدوان، ومن ثم فإن السفر أو السياحة إلى الأراضي المحتلة -لغير أبناء فلسطين- حرام شرعًا.
ومن داخل الأزهر الشريف جاءت الاستنكارات لهذه الزيارة من عدد كبير من شيوخ الأزهر، معتبرين أنها سقطة لا يمكن القبول بها أو تبريرها، وطالب البعض بعزل الشيخ: علي جمعة من منصبه، مؤكدين أن زيارته وإن لم تكن بتأشيرة إسرائيلية فهي بإذن من الاحتلال الذي يسيطر على القدس.
وبدورها هاجمت الأحزاب والقوى السياسية في البلاد الزيارة، وعلى رأسهم حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين (أكبر قوة سياسية في البلاد) الذي أكد في بيان: "رفضه بشكل قاطع للزيارة مهما كانت المبررات، معتبرًا أنها كارثة حقيقية، وضربة موجهة للجهاد الوطني، الذي نجح في إفشال كل محاولات التطبيع طوال السنوات الماضية" ودعا البيان إلى: "مساءلة المفتي بالشكل الذي لا يسمح بتكرار مثل هذه المواقف من أي شخصية اعتبارية رسمية، بما فيه إضرار بالقضية الفلسطينية".
كما شن نواب البرلمان هجومًا حادًا على المفتي مؤكدين أن إسرائيل سوف تستفيد بلا شك من هذه الزيارة إعلاميًا ودعائيًا، وهو نفس الموقف الذي اتخذته بعض القوى الإسلامية في عدد من الدول العربية من بينها الأردن.
وانتهزت الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية زيارة المفتي للقدس المحتلة لتتباهى وتفتخر بخطوة التطبيع، التي قام بها الشيخ: علي جمعة حيث وصفتها بالنادرة والتاريخية، والزيارة الأولى لشخصية دينية مصرية رفيعة المستوى منذ العام 1967، مشيرة إلى أن مستشار المفتي زعم أن سبب الزيارة للقدس هو تدشين مركز إسلامي جديد والإعراب عن التضامن مع حق الفلسطينيين في القدس المحتلة.
وتأتي زيارة المفتي في وقت جددت الكنيسة القبطية المصرية في 14 إبريل الجاري قرار منع أتباعها من زيارة القدس بعد وفاة البابا شنودة الثالث، الذي كان أصدر أمر المنع، وذلك إثر قيام مئات المسيحيين المصريين بزيارة الأراضي المقدسة هذا العام بمناسبة ما يسمى: (بعيد الفصح).
الزيارة نفسها أخذت طابعًا آخر من جانب عدد من الأدباء والمثقفين المصريين، الذين اعتبروها زيارة سياسية بأوامر سرية، وأن هناك رغبة من المجلس العسكري الذى يدير البلاد في بعث رسالة مطمئنة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل: بأن الموقف بعد رحيل المخلوع -حسنى مبارك الصديق الوفي للكيان- بلا مخاطر على العلاقات المصرية الإسرائيلية، بل إنها يمكن أن تتطور إيجابيًا إلى خطوات لم يكن مسموحًا بها من قبل.
فيما اعتبر البعض أن توقيت هذه الزيارة مريب، في وقت تشهد فيه مصر بعض القلاقل في المشهد السياسي من تهديدات لانتخابات الرئاسة، وأزمة لجنة صياغة الدستور، وغيرها من القضايا، وأن الهدف من هذه الزيارة شغل الرأي العام المصري عن القضايا الأساسية، من خلال افتعال أزمات تضاف إلى تلك الموجودة الحالية من أجل تغيير مسار الثورة أو الانقلاب عليها.