الجوائز التي ينالها طلاب العلم الشرعي
سهولة الطريق إلى الجنة لطلاب العلم
ثم قال عليه الصلاة والسلام: {ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة} أقرب الطرق إلى الله طريق العلم الشرعي، علم قال الله وقال رسوله، فلا يدل على الله إلا العلم: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19] {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28] كلما زاد علم الإنسان بالحقائق، وبالكون، وبأسرار هذه الخليقة، زاد قربه من الله.
الآن تجد المخترعين والمكتشفين أقرب الناس إلى الإسلام، وفي فترة من الفترات أسلم أذكى أذكيائهم.
سخروف هذا الذي مات قبل ستة أشهر، الذي أثبت ذبذبات النبات اقترب كلامه من الإسلام، لكنه ما اهتدى، لأنه ما وجد داعية يوجهه، فإن أساطينهم، وأذكياءهم أكثر من يدخل الدين.
وتجد رعاة البقر عندهم أبعد شيء عن الدين؛ لأن هؤلاء بلغوا من العلم حداً عجيباً، فدلهم العلم على الله، والله يقول: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران:18] العلم هنا: هو العلم الشرعي، قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وما قربك من الله كعلم التفكر في الكون، والمخترعات، وأسرار الكون وما وراء الكون كله يدلك على الله بشرط أن يكون عندك وثيقة لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، فكلما ازداد الإنسان علماً كلما ازداد قرباً من الله.
قال صلى الله عليه وسلم: {ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً} قال أهل العلم فيه: من أتى درساً، أو إلى عالمٍ، أو إلى طالب علم سهل الله طريقاً إلى الجنة، والآن ذهابك من بيتك إلى المسجد فإن الله يسهل لك به طريقاً إلى الجنة؛ لأنك تركت أشغالك وأعمالك وقصدت المسجد لا تريد شيئاً من الدنيا ولا تهرب من شيء فما أرغمك أحد أن تأتي هنا، وليس عندنا تحضير الأسماء والغياب، وليس عندنا أعمال سنة، ولا درجات، إنما الدرجات عند الواحد الأحد {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل:96] أتيت حباً وخرجت حباً.
غفران الذنوب لطلاب العلم
وأيضاً من الجوائز غفران الذنوب، {انصرفوا مغفوراً لكم قد رضيت عنكم وأرضيتموني} ولا يرضى سُبحَانَهُ وَتَعَالَى كرضاه عن مجالس الذكر، لأنها تظهر عظمة الإسلام؛ فمن صور عظمة الإسلام أن يجلس طالب صغير من طلاب العلم، فيجتمع جمع هائل بما فيهم العلماء والدعاة والصالحون والبررة والأخيار، فيستمعون إليه وهو يقول: يقول الله ويقول رسوله عليه الصلاة والسلام كذا وكذا، فالله سبحانه يرضى عنه.
وتجدون الآن في آخر الحديث ما هي الجوائز التي يحصل عليها الجلاس، وأنا أقول لكم بصراحة: إنه بالإمكان أن يأتي أضعاف مضاعفة على هذا العدد، ووقت المغرب إلى العشاء وقت مستهلك، إما أن تجلس في البيت فترد على الهاتف إلى صلاة العشاء كلامٌ أشبه شيء بالهذيان، وإما أن تجلس تشرب الشاي أو القهوة، وإما أن تتحدث كلاماً مع أطفالك وأنت معهم أربعاً وعشرين ساعة، وغيرها مما فيه مضيعة للأوقات وفي المقابل أنت تستطيع في الوقت الذي بين المغرب والعشاء أن تحصل على الأجور ما لا يحصل عليها كثير من العباد الذين صاموا وقاموا إذا قصدت بمجلسك وجه الله.
قال عطاء بن أبي رباح: " مجلس الذكر يكفر سبعين مجلساً من مجالس اللغو".
وكن كالعلماء الربانيين، والعلماء الربانيون هم الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره، وقال: هم الذين اتصلت نسبتهم بالله، وهم الذين دلوا الخليقة على الله عز وجل، والطرق المحذروة، وطرق الشيطان، وعرفوهم طريق الرحمن هؤلاء هم الربانيون، والله عزوجل تكفل أن ييسر كتابه لمن أراد أن يقرأه لقصد الهداية، فقال سبحانه: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:17].
قال مجاهد: " أخذ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى على نفسه أن ييسر كتابه لمن أراد " أما من لم يرد أن يهتدي فقد قال الله عنهم: {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً} [فصلت:44]؛ يعني: القرآن، قالوا: لا يقوم قارئ من القرآن إلا بزيادة أو نقص والله المستعان.
سهولة اجتياز الصراط يوم القيامة لطلاب العلم
وقال ابن رجب: وفيه أن الطريق الحسي يسهل يوم القيامة لمن طلب العلم الشرعي.
والطريق الحسي هو الصراط المستقيم، فأسعد الناس بالصراط المستقيم من طلبوا العلم الموروث عن محمد عليه الصلاة والسلام، فمن تَعَلَّمَ آية أو حديثاً أو جلس في موعظة أو محاضرة، فإنه يسهل عليه المرور على الصراط يوم القيامة.
وقال أهل العلم: الناس بخير ما دام عندهم علماء.
وقال صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: {إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العلماء، ولكن بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا} وإذا مات طلبة العلم والعلماء ولم يكن لهم أثر، ولم يكن لهم تواجد، فاعلم أن هذا هو أول دمار الأمة.
وإذا قلَّت الدروس عند الأمة، والمواعظ، والحلقات، والمحاضرات وحجمت فهي خطوات دمار الأمة، وإذا رأيت الدروس منتشرة، والمحاضرات، والدعاة، والكلام في العلم الشرعي، والمسائل، والمفتين، وقال الله وقال رسوله، والحديث فيما يقرب من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فبشر الأمة بخير عميم.