توضيح معاني التقوى
{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:24] يا أيها الناس! اتقوا النار، يقولون: التقوى وردت في القرآن باتقاء الله، واتقاء اليوم الآخر، واتقاء النار {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:281] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران:102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} [النساء:1] ويقول عز وجل: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ} [البقرة:24].
والتقوى هي: أن تجعل بينك وبين الشيء وقاية، يقول النابغة الذبياني:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
فهذه حياة الجاهلية، حياة الربابة والعزف على الموسيقى، لم يكن فيها قرآن، ولا كان فيها أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا صحيح البخاري، ولا صحيح مسلم، بل حياة الضياع والهيام، ولا بأس بالاستشهاد بهذه، فإن فيها ملاحة، وظرفاً، وشيئاً عجيباً من شعر العرب يقول:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
فاتقتنا: جعلت بيننا وبينها وقاية، ولذلك تعريف التقوى: أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية.
وعرفها بعض أهل السنة كـ ابن تيمية قال: هي أن تؤدي المأمور، وتجتنب المحذور وتصدق الخبر، وقال بعضهم ونسب إلى علي بن أبي طالب، وكلماته لها طريق إلى القلوب، قال: [[هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل]] وقال ابن مسعود: [[التقوى هي: أن يطاع سُبحَانَهُ وَتَعَالى فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر]] وقال بعضهم: التقوى أن تعمل الحسنة على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك السيئة على نور من الله، تخاف عقاب الله، إلى غير تلك التعريفات.
لكن هنا من نوع آخر قال: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ} [البقرة:24] انجوا بأنفسكم، وخافوا من الله، وادخلوا في الدين، وأسلموا لله، مادمتم قد عجزتم عن معارضة القرآن؛ فلماذا لا تسلمون؟ ومعجزة رسولنا عليه الصلاة والسلام هي القرآن.