الباب الثامن: داء العشق ودواؤه
أولاً: جاء في كتاب «الجواب الكافي» (1) لابن القيم رحمه اللَّه ما مختصره:
واللَّه سبحانه وتعالى إنما حكى هذا المرض عن طائفتين من الناس (2)، وهم قوم لوط والنساء، فأخبر عن عشق امرأة العزيز ليوسف وما راودته وكادته به، وأخبر عن الحال التي صار إليها يوسف بصبره وعفته وتقواه، مع أن الذي ابتلي به أمر لا يصبر عليه إلا من صبَّره اللَّه عليه، فإن موافقة الفعل بحسب قوة الداعي وزوال المانع، وكان الداعي ها هنا في غاية القوة، ومع هذه الدواعي كلها فقد آثر مرضاة اللَّه وخوفه، وحمله حبه لله على أن يختار السجن على الزنى فقال: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف: 33]. وعلم أنه لا يطيق صرف ذلك عن نفسه وأن ر به تعالى إن لم يعصمه ويصرف عنه كيدهن، صبا إليهن بطبعه وكان من الجاهلين، وهذا من كمال معرفته بربه وبنفسه (3).
وفي هذه القصة من العبر والفوائد والحكم ما يزيد على ألف فائدة.
* * *
فصل
والطائفة الثانية، الذين حكى اللَّه عنهم العشق، هم اللوطية كما قال تعالى: {وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ - قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ - وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ - قَالُوا أَوَلَمْ
_________
(1) «الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي» لابن القيم رحمه اللَّه (ص: 219: 230). (قل).
(2) جاء في «مدارج السالكين» (ج2 ص: 156) قال ابن القيم رحمه اللَّه: (وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس اللَّه روحه - يقول: كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها: أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب، وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه، فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره لا كسب لها فيها، ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر، وأما صبره عن المعصية: فصبر اختيار ورضا ومحاربة للنفس ... ). (قل).
(3) تنبيه: لم أختصر كثيرًا من كتاب «الجواب الكافي». (قل).