نبلاء الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحباً بك زائرنا الكريم
يسعدنا تسجيلك في منديات نبلاء الاسلام لتكون من اسرة هذا البيت الراقي بكم ولكم
نبلاء الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحباً بك زائرنا الكريم
يسعدنا تسجيلك في منديات نبلاء الاسلام لتكون من اسرة هذا البيت الراقي بكم ولكم
نبلاء الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اسلامي علي منهج اهل السنه بفهم سلف الامه
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 من أدب الدنيا

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ام سيف الله
الاداره
الاداره
ام سيف الله


الساعة الان :
رسالة sms :
من أدب الدنيا 121310221240v8s17mvpep60tcqg9
من أدب الدنيا 174856_170821502968070_6471467_n
انثى

عدد المساهمات : 1658
تاريخ التسجيل : 05/05/2011
العمر : 47
الموقع : https://nobalaa.forumegypt.net/
المزاج : سعيده


من أدب الدنيا Empty
مُساهمةموضوع: من أدب الدنيا   من أدب الدنيا Icon_minitime1الأربعاء 27 يوليو 2011, 5:50 am

أَدَبُ الدُّنْيَا
اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لِنَافِذِ قُدْرَتِهِ وَبَالِغِ حِكْمَتِهِ، خَلَقَ الْخَلْقَ بِتَدْبِيرِهِ وَفَطَرَهُمْ بِتَقْدِيرِهِ، فَكَانَ مِنْ لَطِيفِ مَا دَبَّرَهُ وَبَدِيعِ مَا قَدَّرَهُ، أَنَّهُ خَلَقَهُمْ مُحْتَاجِينَ وَفَطَرَهُمْ عَاجِزِينَ، لِيَكُونَ بِالْغِنَى مُنْفَرِدًا وَبِالْقُدْرَةِ مُخْتَصًّا حَتَّى يُشْعِرَنَا بِقُدْرَتِهِ أَنَّهُ خَالِقٌ، وَيُعْلِمَنَا بِغِنَاهُ أَنَّهُ رَازِقٌ، فَنُذْعِنَ بِطَاعَتِهِ رَغْبَةً وَرَهْبَةً وَنُقِرَّ بِنَقَائِصِنَا عَجْزًا وَحَاجَةً.

ثُمَّ جَعَلَ الانْسَانَ أَكْثَرَ حَاجَةً مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ مَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ عَنْ جِنْسِهِ، وَالانْسَانُ مَطْبُوعٌ عَلَى الافْتِقَارِ إلَى جِنْسِهِ. وَاسْتِعَانَتُهُ صِفَةٌ لاَزِمَةٌ لِطَبْعِهِ، وَخِلْقَةٌ قَائِمَةٌ فِي جَوْهَرِهِ.



وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَخُلِقَ الانْسَانُ ضَعِيفًا}. يَعْنِي عَنْ الصَّبْرِ عَمَّا هُوَ إلَيْهِ مُفْتَقِرٌ وَاحْتِمَالِ مَا هُوَ عَنْهُ عَاجِزٌ. وَلَمَّا كَانَ الانْسَانُ أَكْثَرَ حَاجَةً مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ كَانَ أَظْهَرَ عَجْزًا؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الشَّيْءِ افْتِقَارٌ إلَيْهِ، وَالْمُفْتَقِرُ إلَى الشَّيْءِ عَاجِزٌ بِهِ.



وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ: اسْتِغْنَاؤُك عَنْ الشَّيْءِ خَيْرٌ مِنْ اسْتِغْنَائِك بِهِ. وَإِنَّمَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الانْسَانَ بِكَثْرَةِ الْحَاجَةِ وَظُهُورِ الْعَجْزِ نِعْمَةً عَلَيْهِ وَلُطْفًا بِهِ؛ لِيَكُونَ ذُلُّ الْحَاجَةِ وَمُهَانَةُ الْعَجْزِ يَمْنَعَانِهِ مِنْ طُغْيَانِ الْغِنَى وَبَغْيِ الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّ الطُّغْيَانَ مَرْكُوزٌ فِي طَبْعِهِ إذَا اسْتَغْنَى، وَالْبَغْيَ مُسْتَوْلٍ عَلَيْهِ إذَا قَدَرَ. وَقَدْ أَنْبَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ عَنْهُ فَقَالَ: {كَلاً إنَّ الانْسَانَ لِيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}.

ثُمَّ لِيَكُونَ أَقْوَى الامُورِ شَاهِدًا عَلَى نَقْصِهِ، وَأَوْضَحَهَا دَلِيلاً عَلَى عَجْزِهِ. وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الادَبِ لِابْنِ الرُّومِيِّ رحمه الله: أَعَيَّرْتَنِي بِالنَّقْصِ وَالنَّقْصُ شَامِلٌ وَمَنْ ذَا الَّذِي يُعْطَى الْكَمَالَ فَيَكْمُلُ وَأَشْهَدُ أَنِّي نَاقِصٌ غَيْرَ أَنَّنِي إذَا قِيسَ بِي قَوْمٌ كَثِيرٌ تَقَلَّلُوا تَفَاضَلَ هَذَا الْخَلْقُ بِالْفَضْلِ وَالْحِجَا فَفِي أَيِّمَا هَذَيْنِ أَنْتَ مُفَضَّلُ وَلَوْ مَنَحَ اللَّهُ الْكَمَالَ ابْنَ آدَمَ لَخَلَّدَهُ وَاَللَّهُ مَا شَاءَ يَفْعَلُ وَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الانْسَانَ مَاسَّ الْحَاجَةِ ظَاهِرَ الْعَجْزِ جَعَلَ لِنَيْلِ حَاجَتِهِ أَسْبَابًا، وَلِدَفْعِ عَجْزِهِ حِيَلاً دَلَّهُ عَلَيْهَا بِالْعَقْلِ، وَأَرْشَدَهُ إلَيْهَا بِالْفَطِنَةِ.


قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاَلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}. قَالَ مُجَاهِدٌ: قَدَّرَ أَحْوَالَ خَلْقِهِ فَهَدَى إلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي قوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}. يَعْنِي الطَّرِيقَيْنِ: طَرِيقَ الْخَيْرِ وَطَرِيقَ الشَّرِّ. ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْعَقْلُ دَالا عَلَى أَسْبَابِ مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ، جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الادْرَاكَ وَالظَّفَرَ مَوْقُوفًا عَلَى مَا قَسَمَ وَقَدَّرَ كَيْ لاَ يَعْتَمِدُوا فِي الارْزَاقِ عَلَى عُقُولِهِمْ، وَفِي الْعَجْزِ عَلَى فِطَنِهِمْ، لِتَدُومَ لَهُ الرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ، وَيَظْهَرَ مِنْهُ الْغِنَى وَالْقُدْرَةُ. وَرُبَّمَا عَزَبَ هَذَا الْمَعْنَى عَلَى مَنْ سَاءَ ظَنُّهُ بِخَالِقِهِ حَتَّى صَارَ سَبَبًا لِضَلاَلِهِ.

كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: سُبْحَانَ مَنْ أَنْزَلَ الايَّامَ مَنْزِلَهَا وَصَيَّرَ النَّاسَ مَرْفُوضًا وَمَرْمُوقَا فَعَاقِلٌ فَطِنٌ أَعْيَتْ مَذَاهِبُهُ وَجَاهِلٌ خَرِقٌ تَلْقَاهُ مَرْزُوقَا هَذَا الَّذِي تَرَكَ الالْبَابَ حَائِرَةً وَصَيَّرَ الْعَاقِلَ النِّحْرِيرَ زِنْدِيقَا وَلَوْ حَسُنَ ظَنُّ الْعَاقِلِ فِي صِحَّةِ نَظَرِهِ لَعَلِمَ مِنْ عِلَلِ الْمَصَالِحِ مَا صَارَ بِهِ صِدِّيقًا لاَ زِنْدِيقًا؛ لِأَنَّ مِنْ عِلَلِ الْمَصَالِحِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ غَامِضٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَغِيبُ حِكْمَةٍ اسْتَأْثَرَ بِهَا.

وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ {حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ}. ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ أَسْبَابَ حَاجَاتِهِ وَحِيَلَ عَجْزِهِ فِي الدُّنْيَا الَّتِي جَعَلَهَا دَارَ تَكْلِيفٍ وَعَمَلٍ، كَمَا جَعَلَ الاخِرَةَ دَارَ قَرَارٍ وَجَزَاءٍ، فَلَزِمَ لِذَلِكَ أَنْ يَصْرِفَ الانْسَانُ إلَى دُنْيَاهُ حَظًّا مِنْ عِنَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لاَ غِنَى بِهِ عَنْ التَّزَوُّدِ مِنْهَا لِآخِرَتِهِ، وَلاَ لَهُ بُدٌّ مِنْ سَدِّ الْخَلَّةِ فِيهَا عِنْدَ حَاجَتِهِ.

وَلَيْسَ فِي هَذَا الْقَوْلِ نَقْضٌ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ تَرْكِ فُضُولِهَا، وَزَجْرِ النَّفْسِ عَنْ الرَّغْبَةِ فِيهَا. بَلْ الرَّاغِبُ فِيهَا مَلُومٌ، وَطَالِبُ فُضُولِهَا مَذْمُومٌ. وَالرَّغْبَةُ إنَّمَا تَخْتَصُّ بِمَا جَاوَزَ قَدْرَ الْحَاجَةِ، وَالْفُضُولُ إنَّمَا يَنْطَلِقُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}.

قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ: فَإِذَا فَرَغْت مِنْ أُمُورِ دُنْيَاك فَانْصَبْ فِي عِبَادَةِ رَبِّك. وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ تَرْغِيبًا لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا، وَلَكِنْ نَدَبَهُ إلَى أَخْذِ الْبُلْغَةِ مِنْهَا. وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَالَ صلى الله عليه وسلم:

{لَيْسَ خَيْرُكُمْ مَنْ تَرَكَ الدُّنْيَا لِلْآخِرَةِ وَلاَ الاخِرَةَ لِلدُّنْيَا، وَلَكِنَّ خَيْرَكُمْ مَنْ أَخَذَ مِنْ هَذِهِ وَهَذِهِ}. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: {نِعْمَ الْمَطِيَّةُ الدُّنْيَا فَارْتَحِلُوهَا تُبَلِّغُكُمْ الاخِرَةَ}. وَذَمَّ رَجُلٌ الدُّنْيَا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - فَقَالَ رضي الله عنه: الدُّنْيَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا، وَدَارُ نَجَاةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا، وَدَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا.

وَحَكَى مُقَاتِلٌ أَنَّ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - قَالَ: يَا رَبِّ حَتَّى مَتَى أَتَرَدَّدُ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا ؟ فَقِيلَ لَهُ: أَمْسِكْ عَنْ هَذَا فَلَيْسَ طَلَبُ الْمَعَاشِ مِنْ طَلَبِ الدُّنْيَا. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ -:

مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ: إذَا كَانَ فِي الْبَيْتِ بُرٌّ فَتَعَبَّدْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَاطْلُبْ، يَا ابْنَ آدَمَ حَرِّكْ يَدَك يُسَبَّبْ لَك رِزْقُك. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لَيْسَ مِنْ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا اكْتِسَابُ مَا يَصُونَ الْعِرْضَ فِيهَا.

وَقَالَ بَعْضُ الادَبَاءِ: لَيْسَ مِنْ الْحِرْصِ اجْتِلاَبُ مَا يَقُوتُ الْبَدَنَ. وَقَالَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ: لاَ تُتْبِعْ الدُّنْيَا وَأَيَّامَهَا ذَمًّا وَإِنْ دَارَتْ بِك الدَّائِرَهْ مِنْ شَرَفِ الدُّنْيَا وَمِنْ فَضْلِهَا أَنَّ بِهَا تُسْتَدْرَكُ الاخِرَهْ فَإِذًا قَدْ لَزِمَ بِمَا بَيَّنَّاهُ النَّظَرُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا فَوَجَبَ سَتْرُ أَحْوَالِهَا، وَالْكَشْفُ عَنْ جِهَةِ انْتِظَامِهَا وَاخْتِلاَلِهَا، لِنَعْلَمَ أَسْبَابَ صَلاَحِهَا وَفَسَادِهَا، وَمَوَادَّ عُمْرَانِهَا وَخَرَابِهَا، لِتَنْتَفِيَ عَنْ أَهْلِهَا شِبْهُ الْحَيْرَةِ، وَتَنْجَلِيَ لَهُمْ أَسْبَابُ الْخِيَرَةِ، فَيَقْصِدُوا الامُورَ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَيَعْتَمِدُوا صَلاَحَ قَوَاعِدِهَا وَأَسْبَابِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ صَلاَحَ الدُّنْيَا مُعْتَبَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَوَّلُهُمَا مَا يَنْتَظِمُ بِهِ أُمُورُ جُمْلَتهَا.

وَالثَّانِي: مَا يَصْلُحُ بِهِ حَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا. فَهُمَا شَيْئَانِ لاَ صَلاَحَ لِأَحَدِهِمَا الا بِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ صَلُحَتْ حَالُهُ مَعَ فَسَادِ الدُّنْيَا وَاخْتِلاَلِ أُمُورِهَا لَنْ يَعْدَمَ أَنْ يَتَعَدَّى إلَيْهِ فَسَادُهَا، وَيَقْدَحَ فِيهِ اخْتِلاَلُهَا؛ لِأَنَّ مِنْهَا مَا يَسْتَمِدُّ، وَلَهَا يَسْتَعِدُّ. وَمَنْ فَسَدَتْ حَالُهُ مَعَ صَلاَحِ الدُّنْيَا وَانْتِظَامِ أُمُورِهَا لَمْ يَجِدْ لِصَلاَحِهَا لَذَّةً، وَلاَ لِاسْتِقَامَتِهَا أَثَرًا؛ لِأَنَّ الانْسَانَ دُنْيَا نَفْسِهِ، فَلَيْسَ يَرَى الصَّلاَحَ الا إذَا صَلَحَتْ لَهُ وَلاَ يَجِدُ الْفَسَادَ الا إذَا فَسَدَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ أَخَصُّ وَحَالَهُ أَمَسُّ. فَصَارَ نَظَرُهُ إلَى مَا يَخُصُّهُ مَصْرُوفًا، وَفِكْرُهُ عَلَى مَا يَمَسُّهُ مَوْقُوفًا. وَاعْلَمْ أَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ قَطُّ لِجَمِيعِ أَهْلِهَا مُسْعِدَةً، وَلاَ عَنْ كَافَّةِ ذَوِيهَا مُعْرِضَةً؛ لِأَنَّ إعْرَاضَهَا عَنْ جَمِيعِهِمْ عَطَبٌ وَإِسْعَادُهَا لِكَافَّتِهِمْ فَسَادٌ لِائْتِلاَفِهِمْ بِالاخْتِلاَفِ وَالتَّبَايُنِ، وَاتِّفَاقِهِمْ بِالْمُسَاعَدَةِ وَالتَّعَاوُنِ. فَإِذَا تَسَاوَى جَمِيعُهُمْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُهُمْ إلَى الاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ سَبِيلاً، وَبِهِمْ مِنْ الْحَاجَةِ وَالْعَجْزِ مَا وَصَفْنَا، فَيَذْهَبُوا ضَيْعَةً وَيَهْلَكُوا عَجْزًا. وَإِذَا تَبَايَنُوا وَاخْتَلَفُوا صَارُوا مُؤْتَلِفِينَ بِالْمَعُونَةِ مُتَوَاصِلِينَ بِالْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ ذَا الْحَاجَةِ وُصُولٌ، وَالْمُحْتَاجَ إلَيْهِ مَوْصُولٌ. وَقَدْ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ الا مَنْ رَحِمَ رَبُّك وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}. قَالَ الْحَسَنُ: مُخْتَلِفِينَ فِي الرِّزْقِ فَهَذَا غَنِيٌّ وَهَذَا فَقِيرٌ، وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ يَعْنِي لِلِاخْتِلاَفِ بِالْغِنَى وَالْفَقْرِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاَللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ}.
غَيْرَ أَنَّ الدُّنْيَا إذَا صَلَحَتْ كَانَ إسْعَادُهَا مَوْفُورًا، وَإِعْرَاضُهَا مَيْسُورًا. الا أَنَّهَا إذَا مَنَحَتْ هَنَتْ وَأَوْدَعَتْ وَإِذَا اسْتَرَدَّتْ رَفَقَتْ وَأَبْقَتْ. وَإِذَا فَسَدَتْ الدُّنْيَا كَانَ إسْعَادُهَا مَكْرًا، وَإِعْرَاضُهَا غَدْرًا؛ لِأَنَّهَا إذَا مَنَحَتْ كَدَّتْ وَأَتْعَبَتْ، وَإِذَا اسْتَرَدَّتْ اسْتَأْصَلَتْ وَأَجْحَفَتْ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mohamed2ooo
عضو نشيط
عضو نشيط
mohamed2ooo


الساعة الان :
رسالة sms : لاحول ولا قوة الا بالله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
من أدب الدنيا 19
ذكر

عدد المساهمات : 72
تاريخ التسجيل : 28/06/2011
الموقع : https://nobalaa.forumegypt.net/
المزاج : طيب


من أدب الدنيا Empty
مُساهمةموضوع: رد: من أدب الدنيا   من أدب الدنيا Icon_minitime1الخميس 28 يوليو 2011, 4:29 pm

من أدب الدنيا Download
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام سيف الله
الاداره
الاداره
ام سيف الله


الساعة الان :
رسالة sms :
من أدب الدنيا 121310221240v8s17mvpep60tcqg9
من أدب الدنيا 174856_170821502968070_6471467_n
انثى

عدد المساهمات : 1658
تاريخ التسجيل : 05/05/2011
العمر : 47
الموقع : https://nobalaa.forumegypt.net/
المزاج : سعيده


من أدب الدنيا Empty
مُساهمةموضوع: رد: من أدب الدنيا   من أدب الدنيا Icon_minitime1السبت 30 يوليو 2011, 2:48 am

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من أدب الدنيا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» (إنما الدنيا لأربعة نفر)
» قيمة الدنيا بالنسبة للأخرة
» عيش النبي وأصحابه وتخليهم عن الدنيا
» سرور الدنيا ان تقنع بما رُزقت
» الدنيا لا تستحق الحزن عليها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نبلاء الاسلام :: الايمانيات :: منتدي الايمان-
انتقل الى: