بسم الله الرحمن الرحيم
الاستغفار فى القرآن
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
هذا مقال عن الاستغفار فى القرآن .
معنى الاستغفار :
هو طلب المغفرة وهى العفو أى ترك العقاب على الذنب من الله والاستغفار عادة المسلمين وهو يكون بمعنى التوبة فى أحيان ويكون فى أحيان بمعنى العفو الإنسانى
من يغفر الذنوب ؟
الله هو الذى يغفر الذنوب أى يعفو عن أصحاب الذنوب أى يترك عقاب المذنبين إذا طلبوا منه الترك بصدق نية وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "ومن يغفر الذنوب إلا الله "وقال بسورة الزمر "إن الله يغفر الذنوب جميعا "وقال بسورة النساء "ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "
ماذا يغفر الله؟
يغفر أى يترك الله العقاب على شىء يرتكبه الإنسان وهو الذنب أى السيئة أى المعصية أى الشرك أى الكفر أى الجرم أى الإفراط أى الإسراف أى الظلم أى الفسق ....وفى هذا قال تعالى بسورة الزمر "إن الله يغفر الذنوب جميعا "وقال بسورة النساء "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"وقال "ومن يعمل سوءا او يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "وقال بسورة آل عمران "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم "
لمن يغفر الله ؟
يغفر الله أى يترك عقاب المذنب الأواب أى الآيب وهو العائد للإسلام وفى هذا قال بسورة الإسراء "فإنه كان للأوابين غفورا "وعبر الله عن هذا بألفاظ أخرى وهى الغفران للتائب المؤمن العامل للصالح فقال بسورة طه"وإنى لغفار لمن تاب وأمن وعمل صالحا "وبألفاظ اخرى يغفر لمن ذكره فاستغفره لذنبه وفى هذا قال بسورة آل عمران "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم "
هل كل الذنوب قابلة للغفران ؟
يترك الله عقاب كل الذنوب مهما كانت ما دام صاحبها قد استغفره بنية خالصة قبل حضور الموت له وفى هذا قال تعالى بسورة الزمر "إن الله يغفر الذنوب جميعا "
وكل الذنوب غير قابلة للغفران فى حالة إصرار المذنب على فعله وهو يعلم بحرمتها وهو ما سماه الله الشرك وهو الاستمرار فى عمل الذنوب بلا استغفار وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "إن الله لا يغفر أن يشرك به ولكن يغفر ما دون ذلك "وقال بسورة آل عمران "ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون "
شروط قبول الاستغفار :
اشترط الله لقبول الاستغفار شرطا هو ألا يصر المذنب على فعله مع علمه بكونه محرما وهذا يعنى ألا يستمر المذنب فى عمله مع معرفته بحرمته عند الله وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروه لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون "
المغفرة لما دون ذلك :
بين الله لنا أنه لا يغفر الشرك به وهو الاستمرار فى ارتكاب الذنوب مع العلم بحرمتها حتى الموت وأنه يغفر ما دون ذلك أى يترك العقاب على غير ذلك -وهى الذنوب التى يستغفر الله لها صاحبها- لمن يشاء أى لمن يريد وهو المستغفر لذنوبه وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء "
كيفية الاستغفار :
للاستغفار كيفيات أى ألفاظ كثيرة ورد بعضها فى القرآن منها قول المسلمين بسورة الأعراف "أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين "وقول آدم(ص)بسورة الأعراف "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "وقول نوح(ص) بسورة هود"رب إنى أعوذ بك أن أسألك ما ليس لى به علم وإلا تغفر لى وترحمنى أكن من الخاسرين " وقول المسلمين بسورة البقرة "غفرانك ربنا وإليك المصير"وقول إبراهيم(ص)بسورة الشعراء "واغفر لى خطيئتى يوم الدين "وللمسلم أن يستغفر بأى ألفاظ مثل اغفر لى ،تب على ،ارحمنى،قنى عذاب النار،اترك عقابى ،سامحنى يا رب،اعفو عنى ولكل مسلم الحق فى أن يستغفر بما فتح الله عليه من ألفاظ تحمل معنى اغفر لى
لمن يستغفر المسلم؟
المسلم يستغفر لكل من نفسه والمراد ذنب نفسه ولذنوب المؤمنين ولذنوب المؤمنات وفى هذا قال تعالى بسورة محمد"واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات "
هل يغفر المسلم للغير؟
إن من حق المسلم الغفران أى العفو عمن ارتكب ذنب فى حقه سواء كان مسلما أو كافرا وهذا العفو دنيوى وقد بين الله هذا بقوله بسورة الجاثية "قل للذين أمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله"
استغفار الملائكة لمن فى الأرض :
إن الملائكة تستغفر لمن فى الأرض وقد فسرهم الله بأنهم الذين أمنوا فقال بسورة الشورى "والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض "وقال بسورة غافر "الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين أمنوا "ودعاء الملائكة للمؤمنين هو قوله بسورة غافر "فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التى وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم "
الاستغفار للكفار :
الاستغفار للكفار من قبل المؤمنين فعل محرم بدليل قوله بسورة التوبة "ما كان النبى والذين أمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم "وسبب التحريم هو أن الدعاء غير مستجاب لأنهم سيدخلون النار وقد بين الله لنا ان استغفار إبراهيم(ص)لأبيه المشرك كان سببه هو الوعد الذى وعده له بالاستغفار له وفى هذا قال بسورة التوبة "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه "وبعد أن ظهر لإبراهيم(ص)عداوة أبيه لله تبرأ منه وفى هذا قال فى نفس الآية "فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه "وبين الله لنبيه(ص)أن الاستغفار للمنافقين يتساوى مع عدم الاستغفار لهم حتى لو استغفر لهم سبعين مرة -والعدد رمز للكثرة وليس المراد سبعين فقط -فى النتيجة وهى عدم قبول الاستغفار وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "استغفر لهم أو لا تستغفر إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " لأنهم كفروا بالله ورسوله(ص)كما قال بنفس السورة "ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله "وقال بسورة المنافقون "سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم "