لماذا كان أول المخلوقات القلم واّخرها اّدم عليه السلام
كان أول المخلوقات القلم ليكتب المقادير قبل كونها , وجعل اّدم اّخر المخلوقات وفى ذلك حكم :
(الاولى ) : تميد الدار قبل الساكن .
(الثانية ) : أنه الغاية التى خلق لأجلها ما سواه من السموات والأرض والشمس والبر والبحر .
(الثالثة ) : أن أحدق الصناع يختم عمله بأحسنه وغايته كما يبدؤه بأساسه ومبادئه .
( الرابعة ) : أن النفوس متطلعة الى النهايات والواخر دائما , ولهذا قال موسى للسحرة أولا (ألقوا ما أنتم ملقون ) فلما رأى الناس فعلهم تطلعوا الى ما يأتى بعده .
( الخامسة ) : أن الله سبحانه أخر أفضل الكتب والأنبياء والأمم الى اّخر الزمان , وجعل الآخرة خيرا من الأولى , والنهايات أكمل من البدايات , فكم بين قول الملك للرسول : اقرأ . فيقول : ما أنا بقارىْ وبين قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم ) .
( السادسة ) : أنه سبحانه جمع ما فرقه فى اّدم فهو العالم الصغير وفيه ما فى العالم الكبير .
( السابعة ) : أنه خلاصة الوجود وثمرته فناسب أن يكون خلقه بعد الموجودات .
(الثامنة ) : أن من كرامته على خالقه أنه هيأ له مصالحه وحوائجه واّلات معيشته وأسباب حياته , فما رفع رأٍه الا وذلك كله حاضر عنده .
( التاسعة ) : أنه سبحانه أراد أن يظهر شرفه وفضله على سائر المخلوقات فقدمها عليه فى الخلق . ولهذا قالت الملائكة : ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقا أكرم عليه منا فلما خلق اّدم وأمرهم بالسجود له ظهر فضله وشرفه عليهم بالعلم والمعرفة , فلما وقع فى الذنب ظنت الملائكة أن ذلك الفضل قد نسخ ولم تطلع على عبودية التوبة الكامنة , فلما تاب الى ربه وأتى بتلك العبودية علمت الملائكة أن لله فى خلقه سرا لا يعلمه سواه .
(العاشرة ) : أنه سبحانه لما افتتح خلق هذا العالم بالقلم كان من أحسن المناسبة أن يختمه بخلق الانسان , فان القلم اّلة العلم والانسان هو العالم , ولهذا أظهر سبحانه فضل اّدم على الملائكة بالعلم الذى خص به دونهم .