الغيرة نوعان
الغيرة غيرتان : غيرة على الشى , وغيرة من الشى , فالغيرة على المحبوب حرصك عليه , والغيرة من المكروه ان يزاحمك عليه , فالغيرة على المحبوب لا تتم الابالغيرة من المزاحم , وهذه تحمد حيث يكون المحبوب تقبح المشارك فى حبه كالمخلوق .
واما من تحسن المشاركة فى حبه سبحانه فلا يتصور غيره
المزاحمة عليه بل هو حسد , والغيرة المحمودة فى حقه ان يغار المحب على محبته له ان يصرفها الى غيره , او يغار عليها ان يطلع عليها الغير فيفسدها عليه او يغار على اعماله ان يكون فيها شى لغير محبوبه او يغار عليها ان يشوبها ما يكره محبوبه من رياء او اعجاب او محبة لاشراف غيره عليها او غيبته عن شهود منته عليه فيها .
وبالجملة فغيرته تقضى ان تكون احواله واعماله وافعاله كلها لله , وكذلك يغار على اوقاته ان يذهب منها وقت فى غير رضا محبوبه , فهذه الغيرة من جهه العبد وهى غيرة من المزاحم له المعوق القاطع له عن مرضاة محبوبه . واما غيرة محبوبه عليه فهى كراهية ان ينصرف قلبه عن محبته الى محبة غيره بحيث يشاركه فى حبه , ولهذا كانت غيرة الله ان ياتى العبد ما حرم عليه , ولاجل غيرته سبحانه حرم الفاحشة ما ظهر منها وما بطن , لان الخلق عبيده واماؤه فهو يغار على امائه كما يغار السيد على جواريه – والله المثل الاعلى ويغار على عبيده ان تكون محبتهم لغيره بحيث تحملهم تلك المحبة على عشق الصور ونيل الفاحشة منها .
من عظم وقار الله فى قلبه ان يعصيه وقره الله في قلوب الخلق ان يذلوه.
اذا علقت شروش المعرفة فى ارض القلب نبتت فيه شجرة المحبة , فاذا تمكنت وقويت اثمرت الطاعة فلا تزال الشجرة تؤتى اكلها كل حين باذن ربها.
اول منازل القوم اذكروا الله ذكر كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا . واوسطها هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور . واخرها تحيتهم يوم يلقونه سلام .
ارض الفطرة رحبة قابلة لما يغرس فيها , فان غرست شجرة الايمان والتقوى اورثت حلاوة الابدان , وان غرست شجرة الجهل والهوى فكل الثمر مر .
ارجع الى الله واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك ولا تشرد عنه من هذه الاربعة فما رجع اليه بتوفيقه الا منها وما شرد عنه بخذلانه الا منها , فالموافق يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش – بمولاه- والمخذول يصدر ذلك عنه بنفسه وهواه.
مثال تولد الطاعة ونموها وتزايدها كمثل نواة غرستها فصارت شجرة ثم اثمرت فاكلت ثمرها وغرست نواها فكلما اثمر منها شى جنيت ثمرة وغرست نواه وكذلك تداعى المعاصى , فليتدبر اللبيب هذا المثال : فمن ثواب الحسنة الحسنة بعدها , ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها .
ليس العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره اليه , انما العجب من مالك يتحبب الى مملوك بصنوف انعامه ويتودد اليه بانواع احسانه مع عناه عنه .
كفى بك عزا انك له عبد * وكفى بك فخرا انه لك رب