حين يدفع طفلك ثمن ردات فعلك الغاضبة
تفقد بعض الأمّهات صبرهن بعد نهار طويل يشوبه التوتر إما بسبب العمل أو بسبب مشاغل المنزل ويسقطن هذا التوتر على أبنائهن، فأحيانًا يصرخن في وجوههم أو يعاقبونهم في الوقت غير المناسب ومن دون سبب وجيه. ويرى الاختصاصيون أن رد فعل الأم القاسي أحيانًا على تصرّف طفلها الذي تحبّه كثيرًا يشعره بالإهانة لأنه ليس لديه القدرة على فك رموز سلوك والدته الغامض. وفي المقابل، تشعر الكثير من الأمّهات بالأسف بعد أن يدركن أن غضبهن لم يكن في محله ويسألن الاختصاصيين عن الطريقة المثلى لكبته.
أم سريعة الغضب..
عندما تعود إلى المنزل بعد نهار طويل من العمل وتكتشف أن ابنها لم ينه فروضه المدرسية، تحرمه مشاهدة التلفزيون، وإذا لم يرتّب ثيابه ويضعها في الخزانة تمنع عنه الكمبيوتر. أليست هذه مبالغة في عقابه على هذه الأخطاء الصغيرة؟
عجز أمام متطلبات الحياة
عمومًا يكشف عقاب الأم المستمر لطفلها عن شعورها بالعجز أمام متطلبات الحياة اليومية والتي تبدو أنها لا تسير كما ترغب. ويؤدي شعورها بالغضب من نفسها بسبب عدم قدرتها على تسيير الأمور كما تريد إلى إسقاطه على أبنائها أو المقرّبين منها، فهي تظن في لا وعيها أنها تسيطر على زمام الأمور التي لا تستطيع الإمساك بها. و الطفل يكون الهدف الأوّل والأسهل الذي تسقط عليه غضبها. وفي مقابل هذا الظلم الذي يلحق بالطفل، يمكن أن يراوده شعور بأن الراشدين غير موثوق بهم وبالتالي لا يعودون محل ثقته. مما يوتّر العلاقة بين الطفل وأمه.
الحل: عندما تصبحين هادئة وتعرفين أن طفلك لم يكن يستحق العقاب عليك أن تتحدثي إليه وتعترفي له بذلك، ولكن من دون أن تبالغي في اعتذارك وتحوّلي الموقف إلى دراما. فالاعتراف يعزّز لديك ولدى طفلك أيضًا الشعور بالارتياح. كما يمكنك أن تضعي لائحة بالتصرفّات التي يجب المعاقبة عليها، على أن تعودي إليها في كل مرّة تشعرين بالتوتر، مما يخفف عنك وطأة الندم لمبالغتك في عقاب طفلك.
تفقد صبرها عندما تشرح لابنتها أمرًا لا تعرفه تريد طفلتها أن تساعدنها ولكننها تفضّل إنجاز الأمور وحدها لأنها ليست سريعة أو لأنها لا تنجز العمل المطلوب منها في شكل جيد وكما أتوقّع مما يشعرني بالغضب.
إيقاع مختلف
عليك أن تعرفي أن إيقاع طفلتك ليس بمستوى إيقاعك نفسه، خصوصًا إذا كانت فوضوية، وأنت لا تتحملين هذا الاختلاف في شخصيتكما، وربما تشعرين بالذنب لأنك لا تحترمين حاجاتها أو لأنك لا تمنحينها الوقت الكافي لإنجاز ما تطلبينه منها. وفي المقابل، تشعر ابنتك بأنها سوف تخفق في العمل الذي أوكلته إليه فلا تحاول إنجازه، مما يجعل تقويمها لقدراتها ضعيفًا وبالتالي تفقد ثقتها بنفسها، وتظن أنها دون طموحك وتوقعاتك.
الحل: لا تطلبي منها القيام بأمور تعرفين مسبقًا أنها عاجزة عن إنجازها أو تتطلب منها وقتًا طويلاً على تنفيذها. بل العكس عندما يكون لديك وقت استغليه لتعليمها تنفيذ الأمور بالطريقة الصحيحة. فهي تتعلّم بشكل أسرع إذا كنت في مزاج هادئ مما يجعلكما تمضيان وقتًا ممتعًا ولحظات رائعة عند القيام معًا ببعض الأمور.
تضع الحدود وترغب في توبيخه
رغم أننها توبّخ ابنها فهو لا يقوم بما تطلبه منه مما جعلنها أصل إلى مرحلة صفعه، لأنه لا يطيعها ولا يستمع إليها.
الصفع حل أخير
يستعمل الكثير من الأهل الصفع لردع الطفل عن تصرفاته السيئة، فبعضهم يرى أن صفعة صغيرة لها أثر إيجابي، ولكن لا يجوز إطلاقاً توسّل الصفع كأساس للتربية. وإذا كان لا بد منه يمكن الأم أن تصفع طفلها على يده بلطف إذا كان على وشك الاقتراب من شيء يؤذيه، ويجب استعمال هذه الطريقة إذا كانت الحل الوحيد والأخير.
أزمة بينك وبين طفلك
ولكن هذا الانتقال من التوبيخ الكلامي إلى الضرب مؤشر لأن الأزمة بينك وبين طفلك وصلت إلى حائط مسدود. فكل شيء صار يُحل من خلال العنف الجسدي لأنه لم يعد في مقدورك جعل رد فعلك عقلي و لا تجدين الكلمات التي تتواصلين بها مع طفلك. لذا فإن الفعل الجسدي أصبح محل الكلمات.
خوف الطفل
وفي المقابل يشعر طفلك بالخوف، مما يدفعه للتصرّف بالطريقة نفسها، فكلما زاد العقاب الجسدي للطفل فإنه سوف يحل مشكلاته بالعنف الجسدي أيضًا، ويصبح أقل قدرة على حلها بالكلام. وبالتالي يصبح عنيفًا مع أترابه والمحيطين به.
وعموماً الضرب ممنوع ويجدر بالأهل تفاديه للأسباب التالية:
• لأن عواقبه سيئة. فغالباً ما تضرب الأم طفلها عندما تكون في حالة غضب وقد تؤذيه عن غير قصد إذا صفعته بشدّة. أو إذا وجدت أن صفعة صغيرة لم تنفع فتحاول في المرة الثانية أن تصفعه بقوّة ظناً منها أنه سينصاع لأمرها.
• الضرب لا ينفع. فقد أثبتت الدراسات التربوية أن الأطفال الذين يتعرضون للضرب هم أكثر عناداً من أقرانهم الذين لا يضربهم ذووهم. فالطفل لا يعرف ولا يفهم لماذا صفعته أمه.
• الضرب يعزّز سلوك العنف عند الطفل، فالعنف يوّلد العنف. فقد يظن الطفل أنه إذا كان من حق أمه أن تضرب فلمَ لا يقوم بذلك هو أيضاً؟!
الحل: أنت تدركين سيدتي أنه لا يمكنك الاستخفاف بهذا التصرّف أي الاعتماد على العنف الجسدي لإخضاع طفلك. إذًا عندما تشعرين بأنك ستنزلقين إلى هذا المأزق عليك أن تضعي لنفسك ممنوعًا مطلقًا كأن تقولي لنفسك من الآن فصاعدًا أمنع نفسي من ضرب ابني. فتحويل الفكرة إلى كلام يساعدك في التوقف عن ممارسة العنف الجسدي. وعندما تفقدين السيطرة على غضبك أرسلي ابنك إلى غرفته فالابتعاد عن بعضكما يجعلكما تشعران بالهدوء أكثر وبالتالي تتمكني من استعادة رشدك والتفكير في الحل المناسب.
توبّخ طفلها بعبارات قاسية جدًا
أثناء ثورة غضبها توجّه إلى طفلها عبارات قاسية جدًا، فتبدو شريرة.
الأثر السلبي للعنف اللغوي
عليك أن تفكّري في تقويم لغتك. فخلف هذه العبارات القاسية يوجد لديك شعور بالعجز، ولكي تستعيدي سلطتك تلجئين إلى العنف اللغوي، وتظنين أنه ليس خطرًا لأن طفلك يعرف أنك تحبينه. بينما عليك سيدتي أن تعرفي أن العنف اللغوي لديه الأثر السلبي نفسه للعنف الجسدي، وبالتالي فإن استعمال العبارات القاسية أو البذيئة في العائلة قد يؤدي إلى جعلها وسيلة التواصل الوحيدة عند الطفل لأنه تعوّد عليها.
الحل: عليك سيدّتي أن تعتذري لطفلك بعد توجهك بعبارة قاسية إليه كأن تقولي له: «ما قلته ليس جيدًا أعذرني، لم أكن أفكّر». وتحدثي إليه عن كل الأمور الحسنة التي يتمتع بها. فالاعتراف بالذنب فورًا يبعث رسالة إلى طفلك بأنك لا تحتقرينه، وأنك تأخذين في الاعتبار كل ما يقوم به