إثمِ المرأة إذا تعمَّدتِ الإسقاط
لما كان موضوع النكاح لطلب الولد، وليس من كل الماء يكون الولد، فإذا تكوَّن فقد حصل المقصود من النكاح.
فتعمُّد إسقاطه مخالفة لمراد الحكمة، إلا أنه إن كان ذلك في أول الحمل، فقبل نفخ الروح، كان فيه إثم كبير، لأنه مترقّ إلى الكمال، وسار إلى التمام، إلا أنه أقل إثماً من الذي نفخ فيه الروح.
فإذا تعمَّدت إسقاط ما فيه الروح كان كقتل مؤمن، وقد قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءودَةُ سُئِلَتْ بِأَىّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } (التكوير: 8 ـــ 9)، الموؤودة: البنت كانوا يدفنونها حية، فهي تُسأل يوم القيامة لتبكيت قاتليها.
وقد روى جويرية بن أسماء عن عمه قال: حججت، وإنّا لفي رفقة، إذ نزلنا، ومعنا امرأة. فنامت، فانتبهت، فإذا حية منطوية عليها، قد جمعت رأسها مع ذنبها بين ثدييها، فهالنا ذلك، وارتحلنا، فلم تزل منطوية عليها، لا تضربها، حتى دخلنا أنصاب الحرم، فانسابت، فدخلت مكة، فقضينا نسكنا، وانصرفنا، حتى إذا كنا بالمكان الذي انطوت عليها فيه الحيّة، وهو المنزل الذي نزلت، فنامت واستيقظت، والحية منطوية عليها، صفّرت الحيّة، فإذا الوادي يسيل علينا حيات، فنهشتها حتى بقيت عظامها، فقلت لجارية كانت معها: ويحك أخبرينا عن هذه المرأة، قالت: بغت ثلاث مرات، كل مرّة تلد ولداً، فإذا وضعته سجرت التنور، ثم ألقته فيه.
الباب التسعون في ذِكْر كفَّارة الإسقاط
إذا تعمَّدت المرأة الإسقاط بشرب دواء يسقط، فإن كان الحمل لم يبلغ المدة التي تُنفخ فيها الروح، فلا دية في ذلك، إنما عليها الإثم فحسب.
هذا في أحد الوجهين لأصحابنا.
والوجه الثاني: أنها إن ألقته مضغة، وشهد القوابل أنه خلق آدمي، وجبت الغرة.
قال الخرقي: وإذا شربت الحامل دواء، فأسقطت جنينها، فعليها غرة لا ترث منها شيئاً، وتعتق رقبة.
قال المصنف ـــ رحمه الله ـــ قلت: وإن كان قد نفخ فيه الروح فوقع، فعليها غرة، عبد، أو أمة، قيمتها نصف عشر دية أبيه، أو عشر دية الأم، تدفع إلى ورثته، ولا ترث الأم منها شيئاً.
وتجب عليها الكفارة بعد هذا، وهي: عتق رقبة، فإن لم تجد صامت شهرين متتابعين، فإن لم تستطع، فهل يجب أن تطعم أم لا؟ على روايتين، فإن قلنا تطعم، أطعمت ستين مسكيناً.