دلالة القرآن على إيمان أبي بكر وعمر وعثمان ومن معهم
زمن الاستخلاف والتمكين، والذين كانوا معهم زمن الاستخلاف
والتمكين وأدركوا زمن الفتنة؛ بخلاف الذين حدثوا في زمن الفتنة
كالرافضة والخوارج
قال الله تعالى: }وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{([1]).
فقد وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالاستخلاف كما وعدهم في تلك الآية }مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا{([2]) والله لا يخلف الميعاد فدل ذلك على أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين الإسلام وهو الدين الذي ارتضاه لهم كما قال تعالى } وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا {([3]) وبدلهم بعد خوفهم أمنًا لهم المغفرة والأجر العظيم. وهذا يستدل به من وجهين: على أن المستخلفين مؤمنون عملوا الصالحات لن الوعد لهم لا لغيرهم. ويستدل به علىب أن هؤلاء مغفور لهم ولهم أجر عظيم؛ لأنهم آمنوا وعملوا الصالحات فتناولتهم الآيتان آية النور وآية الفتح.
ومن المعلوم أن هذه النعوت منطبقة على الصحابة على زمن أبي بكر وعمر وعثمان فإنه إذا ذاك حصل الاستخلاف وتمكن الدين والأمن بعد الخوف لما قهروا فارس والروم وفتحوا الشام، والعراق ومصر وخراسان وإفريقيا.
ولما قتل عثمان وحصلت الفتنة لم يفتحوا شيئًا من بلاد الكفار بل طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان وكان بعضهم يخاف بعضًا.
وحينئذ فقد دل القرآن على إيمان أبي بكر وعمر وعثمان ومن كان معهم في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن وأدركوا زمن الفتنة كعلي وطلحة والزبير وأبي موسى الأشعري ومعاوية وعمرو بن العاص دخلوا في الآية؛ لأنهم استخلفوا ومكنوا وأمنوا.
وأما من حدث في زمن الفتنة كالرافضة الذين حدثوا في الإسلام في زمن الفتنة والافتراق وكالخوارج المارقين فهؤلاء لم يتناولهم النص فلم يدخلوا فيمن وصف بالإيمان والعمل الصالح المذكورين في هذه الآية، لأنهم أولاً ليسوا من الصحابة المخاطبين بهذا، ولم يحصل لهم من الاستخلاف والتمكين والأمن بعد الخوف ما حصل للصحابة؛ بل لا يزالون خائفين مقلقين غير ممكنين([4]).