الأولاد هبة من الله تعالى
إن من الآيات الجليلة الدالة على عظمة الله تعالى وقدرته أن خلق الناس من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها ، ثم منح الزوجين الأولاد والذرية ، فقال تعالى : ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً [ [النساء: 1].
وإن منح الذرية من الأبناء والبنات نعمة من الله تعالى يستحق عليها الشكر الكثير الجزيل ، والثناء الدائم ، لأن الذرية أمل البشرية منذ وجدت ، وستبقى كذلك حتى تقوم الساعة للمحافظة على بقاء الجنس البشري ، وإن الأزواج يتطلعون بسرعة عقب الزواج إلى الذرية الطيبة ، ويرقبون العلامات الدالة على الإنجاب ، ويستبشرون بها ، حتى يحققوا رغبتهم وتقر أعينهم بالبنين والبنات ، ويسألون الله تعالى ذلكن فإن تأخرت قرائن الحمل استغاثوا الله الخالق البار ، واستنجدوا به ، وضربوا في مشارق الأرض ومغاربها لاتخاذ الأسباب اللازمة للإنجاب وهذه سنة الله تعالى في الناس ، وهذه هي فطرتهم مهما اختلفت أجناسهم وألوانهم وأزمانهم وأماكنهم ، قال تعالى على لسان سيدنا زكريا ]هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [ [آل عمران: 38].
وقال تعالى على لسان زكريا أيضا : ] وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيًّا .يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا [ [مريم: 5، 6].
وإن هبة الأولاد من الله تعالى نص عليها القرآن الكريم ، وربطها بملك السموات والأرض والتصرف فيهما كما يشاء ، فقال تعالى ] للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَّشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَّشَاءُ الذُّكُورَ .أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [ [الشورى: 49، 50].
وقد وردت الآيات الكثيرة التي تؤكد نعمة الله تعالى على البشرية بالذرية الصالحة الطيبة ، فقال عز وجل : ] الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً [ [الكهف: 46].
وقال تعالى ] وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ [ [النحل: 72].
وهذه النعمة ذات أثر عظيم على الإنسان وتلتقي مع فطرته وغريزته فإذا بشر الناس بالمولود تلألأت وجوههم بالبشر والفرح والسرور ، وامتلأت قلوبهم بالسعادة والحبور وانتظروا من الأهل والأصدقاء التهنئة به ، لأن مولود اليوم هو رجل المستقبل وأمل الوالدين وذخر الأمة ، والطفل امتداد لحياة الإنسان على الأرض ، وهو فرع من شجرته وثمرة من غراسه ، ولا يتمنى أحد أن يكون أحدا أحسن منه إلا أن يكون ولده .