قال تعالى : {قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ * وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنّ إِنّمَا كُنّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ}
الاستهزاء بشيء مما جاء به الرسول كفر بإجماع المسلمين ، ولو لم يقصد حقيقة الاستهزاء ؛ كما لو هزل مازحاً .
وقد روي ابن جرير وابن حاتم وأبو الشيخ وغيرهم عن عبدالله ابن عمر ؛ قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوماً : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء : أرغب بطوناً ، ولا أكذب ألسناً ، ولا أجبن عند اللقاء . فقال رجل في المجلس كذبت ! ولكنك منافق ، لأخبراً رسول الله . فبلغ ذلك رسول الله ، ونزل القرآن . قال عبدالله : فأنا رأيته متعلقاً بحبق ناقة رسول الله والحجارة تنكبه وهو يقول : يارسول الله ! إنما كنا نخوض ونلعب والنبي يقول :{قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ} التوبة : 65 .
فمن استهزأ بشيء مما جاء به النبي ؛ كالاستهزاء بالعلم الشرعي وأهله لأجله ، وكالاستهزاء بثواب الله وعقابه ، والاستهزاء بالآمرين بالمعروف والناهيين عن المنكر من أجل أمرهم به أو نهيهم عنه ، وكالاستهزاء بالصلاة سوء كانت نافلة أو فريضة ، وكذلك الاستهزاء بالمصلين لأجل صلاتهم ، وكذلك الاستهزاء بمن أعفى لحيته لأجل إعفائها ، أو بتارك الربا لأجل تركه ؛ فهو كافر.
ويجب على كل مسلم أن يصارم المستهزئين بدين الله وبما جاء به الرسول ، ولو كان أقرب الناس إليه ، وأن لا يجالسهم ، لئلا يكون منهم ؛ كما قال تعالى : {وَقَدْ نَزّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتّىَ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنّكُمْ إِذاً مّثْلُهُمْ إِنّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنّمَ جَمِيعاً} النساء : 140 .