وكذلك يجب على أتباع المذاهب أن يردوا أقوال أئمتهم إلى الكتاب والسنة فما وافقهما أخذوا به وما خالفهما ردوه دون تعصب أو تحيز. ولا سيما في أمور العقيدة فإن الأئمة رحمهم الله يوصون بذلك - وهذا مذهبهم جميعاً - فمن خالف ذلك فليس متبعا لهم وإن انتسب إليهم وهو ممن قال الله فيهم: ]اتّخَذُوَاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ[ سورة التوبة : 31 ، فليست الآية خاصة بالنصارى بل تتناول كل من فعل مثل فعلهم فمن خالف ما أمر الله به ورسوله r بأن حكم بين الناس بغير ما أنزل الله، أو طلب ذلك اتباعاً لما يهواه ويريده، فقد خلع ربقة الإسلام والإيمان من عنقه. وإن زعم أنه مؤمن، فإن الله تعالى أنكر على من أراد ذلك وأكذبهم في زعمهم الإيمان، لما في ضمن قوله: (يزعمون) من نفي إيمانهم فإن (يزعمون) إنما يقال غالبا لمن ادعى دعوى هو فيها كاذب لمخالفته لموجبها وعمله بما ينافيها يحقق هذا قوله: ]وَقَدْ أُمِرُوَاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ[ سورة النساء : 60
و لأن الكفر بالطاغوت ركن التوحيد، كما في آية البقرة ( ) فإذا لم يحصل هذا الركن لم يكن موحدا والتوحيد هو أساس الإيمان الذي تصلح به جميع الأعمال وتفسد بعدمه ، كما أن ذلك بين في قوله تعالى: )فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ[ سورة البقرة : 256 ، ذلك أن التحاكم إلى الطاغوت إيمان به ( ) .
ونفي الإيمان عمن لم يحكم بما أنزل الله يدل على أن تحكيم شرع الله إيمان وعقيدة وعبادة لله يجب أن يدين بها المسلم ، فلا يحكم شرع الله من أجل أن تحكيمه أصلح للناس وأضبط للأمن فقط فإن بعض الناس يركز على هذا الجانب وينسى الجانب الأول والله سبحانه قد عاب على من يحكم شرع الله لأجل مصلحة نفسه من دون تعبد لله- تعالى بذلك- فقال سبحانه: ]وَإِذَا دُعُوَاْ إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ مّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُنْ لّهُمُ الْحَقّ يَأْتُوَاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ[ سورة النور : 48-49 ، فهم لا يهتمون إلا بما يهوون. وما خالف هواهم أعرضوا عنه لأنهم لا يتعبدون لله بالتحاكم إلى رسوله r.