[1771] باب صلة الرحم سبب في زيادة الرزق والعمر، وبيان أن ذلك لا ينافي قضاء الله وقدره
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ في أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». (صحيح مسلم).
[قال الإمام]:
هذا الحديث نص في أن صلة الرحم سبب للزيادة في الرزق وطول العمر, ولا ينافيه أن الرزق والعمر مقدران,, فإنهما مقدران بأسبابهما. ألا ترى أن دخول الجنة أو النار مقدر أيضاً, ومع ذلك فدخولهما مربوط بالسبب من الإيمان أو الكفر.
فكما أن قوله تعالى {فريق في الجنة وفريق في السعير} وقوله تعالى في الحديث القدسي «هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي, وهؤلاء إلى النار ولا أبالي» لا ينافي الأخذ بأسباب النجاة ودخول الجنة, بل ذلك أمر لا بد منه كما قال تعالى: {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} وقال - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث المعروف: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له, فمن كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة» الحديث. فكذلك أقول: من كان طويل العمر عند الله, فسييسر للأخذ بأسباب طول العمر, والعكس بالعكس, فإذاً ليس معنى كون صلة الرحم سبباً لطول العمر أن ذلك يغير ما سبق في علم الله من العمر المحدود, كما أن كون الإيمان سبباً لدخول الجنة ليس معناه أنه يغير مما سبق في علم الله من السعادة أو الشقاوة, بل الحقيقة أن الكل سبق في علم الله, من السبب والمسبب, فمن سبق في علمه تعالى أنه من أهل الجنة فقد سبق في علمه أنه يأخذ بسببه وهو الإيمان, ومن سبق في علمه