معاني وبدع الأعياد
ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد وللعيد آداب وسنن فصل فيها الشيخ في هذه المادة، ونبه قبل ذلك إلى الأعياد البدعية؛ كأعياد الميلاد ويوم المرأة والمولد النبوي وعيد الشجرة، وأكد أنه لا عيد للمسلمين إلا عيد الفطر وعيد الأضحى، وبين ما فيهما من المعاني الدالة على الأخوة والتكاتف والتآلف بين المسلمين، وختمت هذه المادة بذكر هديه صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان، وبين آداب المعتكف، وتطرق لزكاة الفطر مبيناً بعض أحكامها.
الأعياد البدعية
الحمد لله القائل: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:156 - 157].
والصلاة والسلام على رسول الله القائل: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد}.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد:
أيها الناس: قبل أيام استقبلنا شهر رمضان المبارك وبعد أيام سوف نودعه ليختم حياةً عشناها معاً، ترفع فيها صحفنا إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى بحسنات وسيئات، وبعد أيام سوف نستقبل ويستقبلنا العيد وسوف نعيش لحظاته.
ونحن معشر أهل الإسلام: لنا عيدان اثنان فحسب؛ عيد فطرنا يوم أن نفطر من صيامنا، ويوم أن نضحي نسكنا لله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، ولا نحتاج إلى غيرهما من الأعياد؛ لأن أيامنا كلها أعياد، وليالينا كلها أفراح، وساعاتنا كلها سرور وحبور.
عيد الميلاد
ليس عندنا عيد ميلاد؛ لأن عيد الميلاد أضحوكة يضحك بها الإنسان على نفسه، وسخرية يسخر بها الرشيد إذا سفه وضحل عقله على كيانه، كيف يحتفل بميلاده!! وهو لم يولد بعد في عالم الحياة!!
إن المولود حقيقة من ولد لله، وعاش ومات لله، أما هؤلاء الدجالون الخرافيون الذين عندهم عيد ميلاد فلم يولدوا بعد؛ لأن من ولد إنما ولد لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، قال الله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام:122] إنهم لم يخرجوا من الظلمات ولم يولدوا بعد، فكيف يحتفلون بعيد الميلاد!!
يوم المرأة
وليس عندنا معشر أهل الإسلام! عيد المرأة، ولا يوم المرأة؛ لأن عيد المرأة عندنا كل يوم، نحن الذين جعلوا للمرأة أعيادها كل يوم وكل ليلة، كرمناها وأهانها غيرنا، وقدمناها وأخرها غيرنا، وحفظناها وضيعها غيرنا، وسترناها كما تستر الشمس بين السماكين، والعين بين الحاجبين، والدر في الصدف، وأخرجها غيرنا وزعموا أنهم هم الذين كرموها، وكذبوا لعمرو الله، فليس لها عندهم عيد ميلاد بعد أن هتكوا كرامتها وحجابها وسترها وديانتها، يهتمون بها إذا بلغت الخامسة عشرة حتى تبلغ الثلاثين، وقبل الخامسة عشرة وبعد الثلاثين لا يهتمون بها؛ لأنهم سفكوا كرامتها، ودعكوا حرمتها وسترها، فأي عيد ميلاد لها؟! نحن أهل عيد المرأة ويوم المرأة، يوم جعلنا ابنها يتقرب إلى الله بحبها، كلما سمع قوله صلى الله عليه وسلم: {الجنة تحت أقدام الأمهات} ونحن الذين جعلنا زوجها يكد ويتعب ويكدح، كلما سمع قوله صلى الله عليه وسلم: {الله الله في النساء، خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي} أو كما قال صلى الله عليه وسلم؛ فمن المظلومة إذن، المرأة عندهم أو عندنا؟!
تقول كاتبة ساخرة، ماحقة، ماكرة: المرأة المظلومة، ونقول: من هي المظلومة يا ظالمة! أهي عندكم يوم أن ظلمتموها، وعطلتم أهميتها في بيتها، وهتكتم حجابها وسترها، أم هي عندنا يوم كرمناها، ورفعناها، وشرفناها؟
عيد الشجرة
ليس عندنا معشر أهل الإسلام: عيد للشجرة، لأننا نهتم بالإنسان أكثر مما نهتم بالشجرة، نحن أهل دين جاء للإنسان، وجاء لتربية الإنسان لا لتربية الكلاب والشجر، نربي الشجرة ونزرعها ونسقيها، ثم نقتل الإنسان، ونجلده ونسجنه، ففي أي كتاب هذا؟!! وفي أي أسطورة؟!! {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:111]
المولد النبوي
ليس عندنا معشر أهل الإسلام! عيد المولد النبوي للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن أهل عيد المولد عندنا خرافيون، دجالون، سفهاء، جهلة، لا علم عندهم، ولا عقل، ولا دين؛ لأنهم أحيوا مولده صلى الله عليه وسلم وذبحوا تعاليمه بسكين الدجل والخرافة.
أعيد ميلاده صلى الله عليه وسلم أن نجتمع ونرقص وقد عطلنا تعاليمه في الحياة، ومنهجه في الواقع، وسنته في دنيا الناس؟!!
أعيد ميلاده صلى الله عليه وسلم أن يتراقص الناس كما يتراقص الحمير، وينشدون ثم تتساقط عمائمهم كما تتساقط مبادؤهم من رءوسهم؟!! أهذا عيد ميلاد له صلى الله عليه وسلم؟!
ما هذه الخرافات!! وما هذه الطقوس!! وما هذه التماثيل التي عكف عليها الجهلة!!
أحسبت ديني سبحةً وعمامة وقصائداً أطري بها المختارَا
كلا فديني دعوةٌ أبديةٌ قد أنبتت في العالمين منارَا
رُكزت بصحراء الحنيف وأرضعت بدماء من قد بايعوا المختارَا